رحلة مشوقة من القمم للأودية!

وصف
عن الرحلة

شارك

عند زيارتك لمنطقة عسير لمدة ثلاثة أيام؛ ستكون موعودا برحلة مشوقة تعيش فيها تجربة مفعمة بالتفاصيل الطبيعية والتراثية، والفنية، والتاريخية؛ من القمم العالية، حتى الأودية المذهلة.

اليوم الأول

ابرز النقاط

أجمل ما تفتتح به صباحك الأول في أبها هو تناول إفطارك في "مزرعة أعناب" شمال مدينة أبها، لتجربة زراعية مثيرة بين أشجار مختلفة من الفواكه، والزيتون، والأشجار المعمرة التي يمكنك أن تقطفك منها سلة فواكهك الطازجة على مائدة إفطارك التي تختارها من المطعم الشعبي الشهية الموجود بها، بينما تمتع نظرك بالمناظر الطبيعية الخلابة التي تحيط بها معالم تراثية بارزة، بينما غناء العصافير وحفيف الهواء يطربك.
يمكنك أن تتجه بعد قضاء ساعة ممتعة وسط الطبيعة الخلابة لزيارة "قلعة شمسان التاريخية" التي تتسوط مدينة أبها على أحدد قممها بارتفاع 2200م، وتكتشف تاريخها العريق الذي بدء قبل ما يُقارب مئة عام عند بنائها باستخدام الألواح الصخرية التي جلبت من جبال عسير، وسقفت بأشجار "العرعر" من غاباتها. تستطيع لمس قصص التاريخ بيديك عند التجول بين أبراجها الثلاثة التي تطل كل واحدة منها على مدينة أبها، وقد تتفق زيارتك لها مع قيام احتفال شعبي، أو مهرجان ثقافي في ساحاتها، فتعيش تجربة تمزج بين التاريخ والفنون.
ومن عمق التاريخ في أبها في قلعة شمسان، يمكنك أن تتجه إلى عمق الحضارة في زيارة "بسطة القابل"؛ أحد أحياء أبها القديمة الذي ما زال نمط بناءه القديم ببيوته الطينية المزينة بالحجارة المائلة، وأبوابها الخشبية الملونة، وممراتها الضيقة المتعرجة شاهدا على تاريخ عتيق تنبعث منه قصص الآباء والأجداد التي تُثير الحنين لجمال الماضي وبساطته.
بالقرب من هذا الحي القديم يمكنك اختيار أحد المطاعم الشعبية لتناول وجبة الغداء التي نقترح لك فيها تجربة طبق الحنيذ اللذيذ، يجاوره خبز الميفا ومرق اللحم، وأطباق الخضار المطبوخة في أوان صخرية تراثية، لإشباع حواسك بتمازج النكهات الغنية مع طبيعة المكان المتنوعة.
ستكون موعودا بعدها لتجربة أخرى لإشباع حواسك؛ لكن هذه المرة حاسة البصر والسمع وذلك عند زيارتك "لمتحف فاطمة" الذي يستقبلك بعرض مصور يستعرض فيه أهم المزايا التراثية والفنية القديمة في منطقة عسير، خاصة فن القط العسيري وتاريخه العريق الذي وصل للعالمية مع إدراجه ضمن قائمة التراث غير المادي في اليونيسكو، الذي ستستمع برؤيته مباشرة في المتحف معروضا على اللوحات الخشبية، أو في المقتنيات المختلفة، وقد تعيش بنفسك تجربة رسمه واكتشاف ألوانه المميزة ومعرفة تاريخها ومصادرها من بيئة عسير.
ننصحك بعد ذلك بالعودة لقلب مدينة أبها النابض، والتجول في "شارع الفن" وسطها، الذي يزدان بأشجار "الجاكرندا" بلونها البنفسجي الخلاب في مواسم الربيع، والمشي جوار وادي أبها بين الحدائق الزاهية على ضفتيّ الوادي، ومشاهدة الأعمال الفنية المنتشرة على طول مسار المشي، حتى تصل لسوق "الثلاث الشعبي" أحد أشهر الأسواق الشعبية في منطقة عسير وأقدمها. هناك يمكنك التجول بين أكثر من مئة محل يعرض فيه أشهر المنتجات في عسير من فواكه، وخضار، ونباتات عطرية. وستجد مختلف أنواع العسل والسمن البلدي، ومنتجات الحرف اليدوية كالمصوغات الفضية، والخناجر، وأواني الطبخ الفخارية، والملابس التراثية. سيكون التجول في سوق الثلاثاء الشعبي تجربة فريدة للتواصل المباشر مع التراث والتاريخ من خلال المعروضات أو بالأحاديث الممتعة مع الباعة والمتسوقين، وستكون فرصة لاختيار هدايا تذكارية مميزة لك ولمن تُحب.
على بُعد أمتار من سوق الثلاثاء الشعبي بإمكانك السير حتى "قرية المفتاحة"، أحد أهم معالم منطقة عسير الثقافية، ووجهة حضارية مميزة في أبها بُنيت بنمط عمراني يحمل هوية المنطقة، ويملأها بتفاصيل مشوقة من الفنون البصرية المصورة والتشكيلية.
ستكون زيارة "المدينة العالية" خير ختام تُنهي به جولتك السياحية في مدينة أبها. هناك على قمة مرتفعة بخيارات متنوعة يجمعها الضباب الذي سيتجول فيها برفقتك. من مطلها العالي في أحد مقاهيها الفاخرة المطلة على "جبل ذرة"، وحديقة "أبو خيال" يمكنك تناول فنجان قهوتك وأن تستمتع بمشاهدة غروب الشمس بين قمم الجبال الشامخة. وحينما يهبط الليل، ستكون المشاركة في الفعاليات الموسيقية والترفيهية متاحة أمامك في أجواء مشبعة بالهواء النقي، والسعادة البالغة، لتختار بعدها إما تناول طعام العشاء في أحد مطاعمها العالمية المتوفرة بخيارات متنوعة، أو العودة لمكان إقامتك لتستعد لمغامرتك القادمة صباح اليوم التالي.

اليوم الثاني

ابرز النقاط

ستتسم جولتك في منطقة عسير في يومها الثاني بطابع تاريخي وتراثي عريق ممتد من القمم حتى الوديان. تبدأها بتناول وجبة الإفطار في مطعم باب العريش الذي يمتاز بجلساته التراثية المميزة الخارجية والمطلة على طريق الملك عبد العزيز بوسط أبها، وتختار فطورك ضمن قائمة من الأطعمة الشعبية في عسير، أو التقليدية بالمملكة. لتبدأ رحلتك نحو قمم السودة والتعرف على أهم معالمها التاريخية، ورموزها العمرانية، وعمقها الحضاري المتمثل في قصور آل أبو سراح، وقصور وقلاع آل أبو نقطة المتحمي.
عند وصولك لقصور آل أبو سراح في قرية العزيزة الوادعة على قمم السودة، ستتعرف على هذا المعقل التاريخي المميز لقصور ثلاثة بُنيت قبل عشرات السنين بنمط البناء العسيري التقليدي المعتمد على مكونات البيئة المحيطة من أحجار صلدة، وأشجار معمرة. ستستمع أثناء تجولك بين قصور آل أبو سراح الثلاثة لقصص من قلب تاريخ عسير وأهلها، وتتعرف على حجرات القصور الكثيرة والتي تحمل كل منها اسما وراءه قصته الخاصة، حتى تتوقف عند الشرفة التي تربط بين قصرين منهما وتشاهد طبيعة القرية الخلابة بغاباتها الخضراء، وجداولها المائية الهادئة.
بعد قضاء ما يقارب الساعة في هذا الموقع المميز في قرية العزيزة في السودة، ننصحك بالتوجه لقرية طبب حيث تقع قصور وقلاع آل أبو نقطة المتحمي على ضفاف واديها الخصيب، لتشاهد نموذجا آخرا تتجسد فيه روعة البناء القديم في عسير في ستة قلاع شامخة، وقصور حجرية بنيت منذ مئات الزين. ستدهشك التفاصيل المختبئة داخل هذا القلاع والقصور التي كانت مهيأة لحماية ساكنيها ورفاهيتهم في آن واحد، وتتعرف على تقسيمات البناء المتبعة فيها وأسماءها. وستستمتع أثناء جولتك برائحة الطبيعة البكر، وصوت خرير الماء في وادي طبب المجاور ومع إمكانية تذوق خبز الميفا بعد أن يُخبز أمامك، واستكشاف مكتبة تضم نوادر الكتب والمخطوطات القديمة.
عند منتصف النهار، ننصح بالانتقال إلى معلم أثري وتاريخي ثالث يميز منطقة عسير بتفرده، ونمط عمارته القديم منذ مئات السنين والذي وصل للعالمية بسبب هذا التميز مع تسجيله في قائمة التراث غير المادي في اليونيسكو، وهو قرية رجال ألمع التي تحتاج للوصول لها عبور عقبة "الصماء" للنزول من القمم عبر السهول والأودية حتى الوصول لتهامة. ستكون المناظر الطبيعية حولك أثناء استمتاعك بالرحلة ساحرة بتنوعها وتباينها حتى تصل لتحفة عمرانية فريدة على شكل ستين قصرا متراصا ببناء حجري متناسق، تزينت واجهاتها بحجر المرو الأبيض اللامع مثل ما تميزت جدرانها الداخلية بالألوان الزاهية في فن القط العسيري التي ستراه أثناء تجولك في غرف هذه القصور ومتحفها التراثي الدائم.
مع انتهاء جولتك في قرية رجال ألمع التراثية؛ يمكنك تناول وجبة الغداء بمكونات شعبية أصيلة من الحنيذ وخبز الذرة وثريف الدخن الذي تعده طازجة أحد العوائل المختصة بالاستضافة بعد الاتفاق المسبق معها لتكمل جولتك بين الطبيعة وقرى رجال ألمع الساحرة وصولا "لكوخ العسل" في أحد الأرياف الطبيعية، والذي ستجرب فيه مباشرة طريقة استخراج العسل بعد التعرف على رحلة النحل من الأزهار للكوخ، وتتذوق أصنافا طازجة مختلفة منه في كوخ شُيّد من أخشاب المنطقة الطبيعية بتفاصيله التراثية الأصيلة المُطلة على السهول الخضراء المحيطة.
بنهاية الجولة في رجال ألمع؛ ندعوك لمشاهدة منظر الغروب من على قمم السودة بعد عودتك لها عن طريق عقبة "الصماء"، والتوقف في شعف آل ويمن المُشرف على أغوار تهامة. لتختم جولتك في عسير في يومها الثاني بين الغيوم التي تزاحم أشعة الشمس على الرحيل، وتبدأ الاستعداد لصباح حافل جديد.

اليوم الثالث

ابرز النقاط

عند العاشرة صباحا من يومك الثالث في منطقة عسير، وبعد تناول إفطارك في مكان الإقامة؛ نقترح لك استكشاف منطقة جديدة شرق منطقة عسير بالتوجه "للواديين" الذي سيشرح لكم مرشدكم السياحي أثناء التجول في قريتها ومطلها الشهير نمط البناء العمراني المميز بها والذي يعتمد على الطين، وصولا إلى منطقة الحبلة، القمة الجبلية التي تُشرف على هوة سحيقة كان في أسفلها موقع قرية الحبلة التي كان يستخدم ساكنوها قديما الحبال للصعود وجلب احتياجاتهم من الأعلى. يمكنك الوصول لآثار القرية من خلال استخدام عربة التلفريك التي ستنقلك للأسفل وسط طبيعة خلابة مليئة بالتكوينات الصخرية الحادة، والغابات الكثيفة، ومساقط الشلالات الهائلة.
بعد العودة من هذه الرحلة التي تحبس الأنفاس في الحبلة، يُمكنك التوجه إلى قرية "وطن آل ينفع" التي تعتبر من أقدم القرى في منطقة عسير والمبنية بطريقة هندسية فريدة بمجاريها المائية التي تستمد وفرتها من الآبار والعيون الصخرية المنحوتة يدويا بأعماق متفاوتة، وزيارة مسجدها التراثي الذي يزيد عمره على الألف عام، والاستمتاع بتناول وجبة الغداء على هضبتها المرتفعة، والمطلة على مناظر طبيعية ساحرة من جميع الجهات.
وللتعرف على تراث تلك المنطقة أكثر، ننصحك بزيارة "متحف تمنية"، الذي سيُبهرك بالتنوع الذي ستجده فيه للقطع التراثية، والملبوسات، والأدوات الحربية والزراعية التي توجد فيه في منزل تراثي مبني بالطريقة القديمة للعمران العسيري، والمتزينة غرفه الداخلية بالألوان الزاهية الطبيعية لتعيش حميمية ودفء الداخل، مع قوة ومهابة الخارج.
سيكون تناول قهوتك عصر ذلك اليوم خيارا ممتازا في قصر آل ملهي التراثي بقرية آل قزع، الذ يتميز بساحاته الواسعة، ومجالسه المزينة بفن القط العسيري، وتبادل الأحاديث مع كبار السن الذين سيملؤون رحلتك بالإثارة بقصص المكان وتاريخه. لتختم نهارك الثالث والأخير في منطقة عسير بممارسة رياضة المشي في منتزه المسقي الطبيعي بين الأشجار الخضراء المعمرة، والجبال الصخرية المميزة، برفقة نسمات جبلية باردة ومنعشة يتخللها الضباب ورذاذ المطر، لتعود لمكان إقامتك مع حلول المساء محملا بتفاصيل تاريخية وتراثية وطبيعية لا تُنسى.

ابدأ رحلتك